أن يكون جوجل هو الأفضل في عالم الويب أمر جد عادي ، لكونه يقدم خدمات و تطبيقات أنترنيت تساعد المستخدمين في التواصل و البحث و القيام بمهام ضرورية اليوم على الأنترنيت . و قد اتبث لنا أنه الأفضل و أن المنافسين لا يزالون في مراحل مبكرة عن منافسته , سواء مايكروسوفت أو ياهو أو ربما شركات أخرى تعمل بنفس المجالات التي يتواجد فيها العملاق الأمريكي.
لكن اذا كانت الشركة الأمريكية التي تتحكم في اتجاهات الويب اليوم , تستغل قوتها و تفوقها لابتزازنا نحن المستخدمين و اختراق خصوصياتنا ، فهذا غير مقبول و لم يعد يطاق ، أقولها بكل صراحة لأني أملك الأدلة التي يمكن لمستخدمي جوجل معرفتها بسهولة ، و التي تشير الى ضلوع جوجل في عملية عملاقة للتجسس على الناس و استغلال بياناتهم للربح المادي.
و هذا لا يعني أني ضد جوجل في جني المال عبر خدماته , أو ضد تحسين مصادره المالية , فجوجل كغيرها من الشركات تقدم الخدمات لتربح و تبني ثروة و تطور من مداخيلها المادية بشكل كبير و هذا من حقها.
المشكل يكمن في أمور أعمق من الربح بحد ذاته , انه يكمن في الاستغباء الذي يمارسه مع مستخدميه ، يظن أنهم لن يكتشفوا بأنه يستغلهم ليبني السلطة و المجد و الثروة التي يسعى اليها عبر الاحتيال الالكتروني الخلاق.
في هذا المقال ، سنغوص معا في تفاصيل عمليات اختراق الخصوصية و عمليات التجسس التي يتبناها جوجل ليربح المزيد من المال و يربط الجميع بخدماته أكثر من اي وقت مضى.
Gmail خدمة بريد بسيطة في مظهرها … و معقدة أكثر من الخيال في باطنها.
يجمع مستخدمي بريد جوجل Gmail ، أن هذه الخدمة بسيطة في مظهرها و لا تتضمن ديكورات جمالية و لا ألوانا كثيرا ، كما اعتدنا من الخدمات المنافسة , و في وقت يحكمها اللون الابيض و الخفة ، فان هناك عمليات لا ترى بالعين تحدث وراء هذه الواجهة ، و لعل تعقب ارسال و استقبال الرسائل أهم هذه العمليات التي تهذف الى تخزين رسائل المستخدمين ليس بشكل مؤقت على خوادم جوجل ، و لكن للوصول اليها عند الحاجة ، فأنظمة جوجل الداخلية تسمح بالولوج الى الرسائل التي يدور موضوعها مثلا حول “أحداث مصر” لتصنف تلك الأنظمة الرسائل حسب الموقع الجغرافي و حسب الجنس و الأخطر حسب وجهات النظر التي يدافع عنها المتراسلين ، و هذا أبسط مثال فقط أما التفاصيل التي تحترف تلك الانظمة التركيز عليها لتصنيف الناس لمؤيد و معارض و محايد حول قضية معينة كثيرة و غامضة أيضا .
ليس فقط عملية جمع المعلومات هي التي تحدث وراء واجهة Gmail الناصعة ، لكن الناظر الى الاعلانات الجانبية و التي تظهر في الرسائل الواردة و الصادرة ، يدرك تماما أن تلك الاعلانات التي تظهر جانبا لم تخرج هباءا منثورا و بعشوائية ، لتكون النتيجة توافقها التام مع محتوى الرسالة ، أقصد أنك عندما تتواجد على رسالة أرسلتها لصديق حول فندق ما أقمت به في عطلتك ، تتواجد بالجانب الايسر للرسالة مجموعة من الاعلانات لفنادق مختلفة ! هل تعتقد أنها صدفة تتكرر دائما ؟ حسنا المعلوم أن الصدف في الطبيعة تقع مرة واحدة في مدة كبيرة ، و لا تقع بشكل متكرر و في هذه الحالة الاعلانات التي تظهر جانب الرسائل يتم اختيارها بعناية من طرف خواريزميات جوجل ، القادرة على تحديد المواضيع التي تدور حولها الرسائل التي يتم تبادلها بين مستخدمي الخدمة.
Gmail للأسف لا يتوقف عند حد تخزين رسائل المستخدمين و اظهار الاعلانات المرتبطة بمحتواها . بل يتعدى ذلك الى معرفة الارتباطات الشخصية و العائلية التي تربط بين المتراسلين ، و على الأغلب يعتمد في ذلك على أمرين , الأول هي المواضيع التي يدور حولها النقاش بين الطرفين ، و الامر الثاني الأكثر دقة هو تموقع جهات الاتصال في القوائم فالكثير من المستخدمين يفضلون وضع جهات اتصالات أقاربهم ضمن دائرة العائلة و هكذا بالنسبة للأصدقاء و المعارف أيضا.
محرك بحث جوجل … نتائج بحث أفضل مبنية على بياناتنا و عمليات البحث السابقة.
من يتبع المنطق في فهم الأمور كما هي ، لن يقبل أبدا أن يأتي اليه شخص ما ليقنعه بفكرة أن نتائج البحث التي يعرضها لنا جوجل ، ليست الا نتاج لخواريزميات ترتب نتائج البحث بناء على سمعة المواقع المقدمة للمحتوى و جودة المقالات و الأخبار و مدى بقاء الناس فيها لمدد طويلة ! نعرف أنها ليست الا عوامل ضمن معيار لعوامل تجاوز حاليا عددها 100 عامل ، و منها بالطبع المشاركات على جوجل بلس و الصور التي تم رفعها الى بيكاسا ، و لا ننسى أيضا الأنشطة التي تتم على تطبيقات و خدمات أخرى لجوجل و بالطبع عمليات البحث السابقة التي لا تستطيع مسحها في خوادم جوجل.
أليست العوامل الأربعة التي ذكرتها مؤخرا شخصية في طابعها ؟ أليست هي جزء من نشاطك على الويب و الذي يستغله جوجل ليعرض نتائج البحث الخاصة بك ، و أيضا لأصدقائك و معارفك على جوجل بلس ؟
لهذا لم يعد من الغريب أن تجد نتائج بحث جوجل أكثر جاذبية لكونها تخصك أكثر ، من تلك التي يقدمها بينج و ياهو فعند البحث عن هذا المقال سيعرض لي جوجل نتائج بحث ، منها هذه الصفحة و الصور التي شاركتها على جوجل بلس حول جوجل ، بل سأرى ايضا نتائج بحث لأصدقائي كتبوا و شاركوا حول هذا الموضوع أيضا ، منهم من يملك مدونات و منهم من شارك ذلك على المنتديات و المجلات.
و بالفعل سأضغط على تلك النتائج و احاول استكشافها لأكبر قدر من الزمن ، و هذا هو الهذف من جوجل انه يعرف أن تلك النتائج تهمني أكثر من العامة و لهذا يعطي لما هو شخصي أولوية أكبر من العمومي.
و الفاجعة ان جوجل يستعد أيضا لاضافة المزيد من النتائج و المتعلقة بالأسئلة التي نطرحها يوميا ، و عادة ما تكون أجوبتها خاصة بنا ، وهو ما يشير الى أننا سنرى المزيد من النتائج التي ستعتمد على تطبيقات جوجل التي نستخدمها على الهواتف الذكية و خدمات الويب التي يقدمها.
جوجل … نعرف أين أنت و ما الذي تبحث عنه و وجهتك القادمة
انها مقولة من جوجل و ان كانت الصياغة الأساسية هي “بعذ اذنكم … نحن نعرف مكان وجودك و نعرف أين كنت و ما الذي تفكر فيه” ، و الحقيقة أنها مقولة غير عادية أبدا و تحمل معاني كثيرة يجب استيعابها الأن لنعرف مع من نتعامل في هذه الحالة .
شخصيا و من زاوية الرؤية الخاصة بي ، أرى أن اريك شميدت الذي صرح بهذا القول اعترف بشكل مباشر أن استخدام خدمات جوجل ، هو تفويض للشركة لتتبع أنشطتك على مختلف التطبيقات و الخدمات التي تقدمها ، و أن ما نقوم به و ما نشاركه معروف و مخزن في خوادم مخصصة لذلك ، بل أن الشركة قادرة على معرفة الموقع الجغرافي الخاص بك و تقديم الاجوبة التي تهمك حسب الكيفية التي تفكر بها.
هذا خطير جدا ، و يدعونا بالفعل للسعي لتحقيق الرؤية ولعل و عسى أن نقلل من الضرر و ننتهي من استخدام منتجات الشركات التي لا تحترم خصوصياتنا و لا عقولنا.
بقلم : محمد المرابط
من فضلك شارك هذا الموضوع اذا اعجبك